×
☰ القائمة

كيف نحمي أنفسنا من التداعيات النفسية لفايروس كورونا؟

الابتلاءات سنة من سنن الله عز وجل في الحياة الدنيا؛ لاختبار العباد وتمحيص إيمانهم. ولأن الدنيا دار ممر لا مستقر فإن المُنغصات والابتلاءات لا محال منها لكنها تختلف في الدرجة من شخص لآخر وكذلك يختلف نوع الابتلاء. فقد تكون خاصة بشخص بعينه أو أسرة بعينها فتُبتلى بالفقد مثلاً. وقد يكون الابتلاء عاماً يصيب مجموعة كبيرة ضمن نطاق محدد كما حدث في عهد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- حين انتشر وباء الطاعون.

 أما الآن وفي هذا الوقت بالتحديد ونحن نعاصر فايروس كورونا نحن نقف مع أكثر الابتلاءات شمولية فقد امتد إلى جميع الأمم على اختلاف أجناسها وأوطانها.

إن الابتلاء في حد ذاته وبكل أنواعه يمكن اعتباره منبه يعطينا إشارات لبعض الأمور التي تحتاج منا لوقفة تأمل في اتجاهين:

وقفة تجاه حالنا مع الله

فبالرغم من الشدة التي يحاصرنا بها الابتلاء لكن له وجه إيجابي إن أدركنا الحكمة منه؛ لنصحح مسارنا مع الله بعد أن انشغلنا ببعض أمور الدنيا، وتغافلنا عن بعض واجباتنا؛ فهنا قد تكون الإشارة لنرجع إليه سُبحانه.

وقفة تجاه حالنا من أنفسنا

لنصحح أيضاً مسارنا في العناية بأنفسنا جسمياً فنبتعد عن كل ما يؤذينا ونعتني بها بشكل أفضل. وكذلك نعتني بها نفسياً؛ لتكون قوية وصلبة تتغلب على الكثير من الصعاب دون أن تُكسر. فتحتاج النفس الإنسانية لبعض الشدائد لتمتحن قوتها. فهي تُصقل بالشدائد لتخرج أفضل ما تملكه من ملامح إن حافظت على تماسكها وقوة عزبمتها؛ لتخطي المرحلة الصعبة.

إن النظرة المتأملة لواقعنا وما نعاصره من وباء واسع الانتشار نجد أنه يفرض نفسه على المجتمع وبالتالي ينقسم أفراد المجتمع حياله لطائفتين:

فتنظر إليه شريحة واسع من أفراد المجتمع على أنه بخاصية الشمولية التي يحاصرنا بها يجعل حالنا كغيرنا من الأمم فيزدادوا تسليماً لأمر الله ورضاً بما قدره فتهدأ أنفسهم وتطمئن وتزداد توكلاً على الله؛ فيتجهون للعمل بالأسباب الوقائية بطريقة تُبرز ما يمتلكونه من وعي وحس للمسؤولية بالحد الأدنى من الألم والخوف.

أما الشريحة الأخرى فقد تنظر إليه على أنه مصدراً للرعب بشموليته فتزداد أنفسهم قلقاً وتوتراً؛ لتوقع ما هو أخطر وترقب ما يتهولون من حدوثه. ولذلك أثره النفسي السلبي على صحتهم النفسية فقد يوقعهم هذا القلق الترقبي في معاناة نفسية خاصة مع كثرة الضغوط الحياتية والتوتر الحاصل ويزداد الأمر سوءاً إن رافقه ضعف في مهاراتهم في أساليب التعامل مع الضغوط والمُتغيرات الحياتية الصعبة. وكذلك له أثره السيء على الشخصيات القلقة التي تُعتبر الأكثر استعداداً لدائرة الأفكار السلبية المزعجة .وقد يكون للبعض معاناة من مشكلات نفسية تجعل من الوضع الراهن أثره الضاغط على مساحة الصحة النفسية لديهم .فضلاً على صلابة بعض الشخصيات مما يجعلها تجد صعوبة في التكيف مع المتغيرات الحياتية فكيف بمتغيرات ذات ضغوط صادمة و غير متوقعة تُشعرهم بالضعف تجاه ما يحدث والعجز عن التكيف أو التغيير فيشعرون أنهم وأحبتهم قاب قوسين أو أدنى من الخطر مما يؤثر على جودة حياتهم ويوقعهم في نوبات من الهلع أو الصدمات النفسية ،وقد يُحرمون النوم وملذات الحياة ترقباً للسيناريو الأسوأ الذي أنتجته أفكارهم السلبية برعاية ما يسيطر عليهم من قلق!

إن أهم ما يمكننا فعله للحد من التداعيات النفسية للوضع الراهن أن نخرج من دائرة المشاعر والتفكير الغير عقلاني الذي يُفرز سيناريوهات لها أبعاد كارثية، وأن نلزم الهدوء والجانب الوقائي ويمكن الاستفادة من بعض التعليمات التي تساهم في الحفاظ على المنظومة النفسية لدينا والتي من أهمها:

  • الحد من المتابعة المتكررة لوسائل الإعلام حتى لا تكون رهين الأحداث وتطوراتها وتعيش في قلق
  •  
  • الترقب لها.
  •  
  • الابتعاد عن مصادر الأخبار الغير رسمية التي تهول الأحداث وقد تتخللها الكثير من المعلومات المغلوطة
  •  
  • والشائعات التي تسبب الهلع.
  •  
  • إدراك أن التعليمات التابعة للوقاية إنما هي لخدمتك وخدمة المجتمع فلا يجب أن تكون أسلوباً ضاغطاً
  •  
  • عيك.. فالفايروس حتماً لن يطرق بابك وأنت آمن في بيتك إنما خروجك يلتقطه ليؤذيك في بيتك. كما
  •  
  • أنها فترات قليلة وستعود الحياة بشكلها الطبيعي بإذن الله فلا تجعل ذلك مصدراً للضيق لك إنما انتهزه
  •  
  • فرصة لاستعادة الجوانب الحياتية التي غفلت عنها وممارسة بعض الهوايات والقراءة لك ولأسرتك
  •  
  • والقرب من أولادك.
  •  
  • قد يدفع الحرص الزائد على اتباع بعض الجوانب الوقائية الخاطئة التي تقود للوسواس فالنظافة أمر
  •  
  • مطلوب بوجود الفايروس وبكل وقت لكن ضمن قواعدها الطبيعية فغسل اليدين مرة واحدة بشكل
  •  
  • صحيح يكفي للوقاية ولا يجدي تكرارها مراراً في نفس الوقت نفعاً لك ولا للوقاية منه.
  •  
  • أعد برمجة حياتك من جديد فلعل في التوقف عن روتينك السابق نظرة جديدة لجوانب قد أهملتها في
  •  
  • نفسك أو صحتك.. واهتم بممارسة الرياضة وتخلص من توترك واستعد لتُخرج للمجتمع شخصيتك
  •  
  • الإيجابية الفعالة عندما تزول هذه الغُمة.
  •  
  • ركز على الاهتمام بتحصين نفسك بالأذكار، وتحصين جسدك بتقوية المناعة بالغذاء السليم والنشاط
  •  
  • البدني المتوازن؛ فذلك يساعدك لتقوى جسمياً ونفسياً.
  •  
  • تعلم مهارات حل المشكلات والتعامل مع الضغوط والتكيف مع الأوضاع الاستثنائية بالقراءة فهي فرصة؛
  •  
  • لتزيد من مهاراتك النفسية وأن تمنح نفسك جلسات الاسترخاء بشكل يومي للحد من القلق والضغوط.
  •  
  • ويمكن أن تستخدم الكتابة كوسيلة لتفريغ ما تشعر به من قلق أو خوف لأن بكتابتك لما تشعر به وما
  •  
  • تعاني منه من مشكلات يجعلك تنظر إليها من خارج نطاق نفسك مما يساهم في إيجاد أنسب الحلول
  •  
  • لها فضلاً على أنها تُفرغ ما تجده في نفسك من مشاعر سلبية بدلاً من كبتها والتأذي منها.
  •  
  • طلب المساعدة النفسية من المختصين لإرشادك لأفضل السبل لاستعادة التوازن النفسي إن شعرت
  •  
  • بالحاجة لذلك.
  •  
  • تذكر أن الابتلاء مهما طال فله أجله حاله حال كل أمر دنيوي فلا داعي للقلق فإنه سيزول وأن ما قدره
  •  
  • الله للعبد سيراه ولا يدفع الخوف البلاء إنما بالخوف تحد من إمكانياتك للتصرف السليم وقد توقع نفسك
  •  
  • في مشكلات نفسية من تراكم القلق.. لذا عليك الخروج من دائرة المشاعر إلى دائرة العمل بالأسباب
  •  
  • ومن ثم التوكل على الله.

إن من أهم الأمور التي نحتاجها كأفراد ومجتمعات هي تعلم الإدارة النفسية لمتغيرات الحياة الصعبة ومواجهة الكوارث وما بعدها- والتي منها (وباء كورونا) – ضمن نطاق علمي وخطوات ممنهجة تمنحنا البعد الوقائي منه ومن تداعياته بالأسلوب الذي يتناسب مع كافة شرائح المجتمع؛ ليستعيد المجتمع تماسكه أثناء الأزمة ..وعافيته بعد أن يمُن الله علينا برفع البلاء.



أترك تعليق